رواية لمن القرار للكاتبة سهام صادق
لازم ترجعي قريتك وأهلك يعرفوا بدناءة حسن معاكي
لمعت الدموع بعينيها إنها تفهم وتعي الكثير من تفكير المجتمع.. المجتمع الذي لم يرحمها وهي فتاة.. فما الذي يجعل الفتاة ترفض عريس في نظرهم كامل مدام لديه شقة و وظيفة ومهما كان صغر سنها فالمقولات التي توارثت عبر الأجيال مهما كان التقدم مازالت مرسخة في بعض العقول
الأصغر منها بيتجوزوا..
اطرقت عينيها حتى لا تنال شفقة الجد فيكفي ترحيبه بها في بيته حتى اليوم
حاضر يا بيه..قولي أمتي أجمع حاجتي وأمشي من هنا
شعر الجد بالشفقة عليهاشىء داخله يجعله يخشى على حفيده وشىء أخر يجعله مشفقا عليها
خلي والدك يجي ياخدك بنفسه يا فتون.. وبعدين يا بنتي وعدي ووعد حفيدي ليكي زي ما هو.. هنتكفل بكل مصاريفك لحد ما تكملي تعليمك
انصرفت من أمام الجد فأخذ يضرب الأرض بعصاه.. المخاۏف تزداد داخل قلبه وسؤالها الدائم عن حفيده وتلك اللمعة التي يراها في عينيها كلما جاء ذكر اسمه وحديثه الصباحي مع خديجة عبر الهاتف ازاد الأمر فهم لديهم نفس الشكوك
يا ترى يا سليم عطفك عليها شفقة زي ما قولتلي ولا عايز تورط نفسك في حاجة تانية
.
وقف حازم يرمقه بنظرات فاحصة بعدما أعطاه تلك الأوراق التي أرادها لقد تم رفع قضية الخلع وكل شئ أصبح جاهز
مفضلش غير إمضتها والقضية بسهولة نقدر نكسبها.. علاقة حسن بالرقاصة وتعاطيه للمخډرات غير إنه بقى عاطل عن العمل واللي هيسهل الموضوع أكتر البنت لسا قاصر
آيات هتمسك القضية ديه يا حازم.. خلينا نشوف قدرتها بتاعت الطبقات والوسايط
أبتسم وهو يتذكر تلك المحامية الجديدة التي أنضمت إليهم مؤخرا.. ورغما عنه تحولت ابتسامته لضحكة مجلجلة صدحت في الأرجاء.. فشاركه سليم الضحك وهم يتذكرونها عندما أتت ضمن العديد من المرشحين وشجارها مع مدير الموارد البشرية
سليم أنت متأكد من اللي بتعمله
رفع
عيناه نحوه فتلك النظرة التي يراها في عينين حازم نفس النظرة التي رأها في عينين خديجة وجده
متأكد يا حازم
سليم أنا مقصدش أدخل في قرارك.. بس ديه مرات السواق بتاعك عارف يعني إيه.. يعني سهل جدا حسن يتهمك إن كان بينك وبينها حاجة
ده أنا أوديه ورا الشمس لو قال حاجة في شرفها
استجمع حازم أنفاسه التي هدرت ينظر نحو الذي تغيرت
معالم ملامحه
سليم أنا بقول اللي ممكن يحصل ولازم تفكر فيه
ولكن تلك النظرة التي رمقه بها جعلته يتراجع في حديثه ويصمت
اللي يريحك يا سليم أعمله
انصرف حازم لتتعلق عيناه بخطواته إلى أن أغلق باب الغرفة خلفه.. هوى بجسده على مقعده يرخي رابطة عنقه ليأخذه عقله إليها.. شرد في حلمه ليلة أمس بها.. تذكر كيف كانت بين ذراعيه يجمعهما شعورا لم يشعر به من قبل..
نفض رأسه وضحك على حاله
حالتك بقت خطيره يا سليم.. بتحلم بالخدامة لا وكمان حتت عيله عمرك ضعف عمرها
.
أنت متأكد من المعلومات ديه يا حسن
مدد حسن ساقيه على الطاولة ينظر نحو سهر وذلك الرجل الذي جاءت به.. إنه يشعر بالفخر بنفسه وذكاءه
أنت ناسية أني كنت سواق البيه ومن قبله أبويا الله يرحمه كان سواق عند العيلة ديه
والتقط كأس الماء يرتشف منه ثم مسح على فمه ينظر نحو ذلك الرجل الذي لا يعجبه ولكنه مضطر لتحمله
بكرة فلوس المحاصيل بتروح لعظيم بيه وتاني يوم بيوديها البنك مع المحامي
واعتدل فى جلسته يفرد تلك المرة ذراعيه على ظهر الأريكة ويرتخي بظهره للخلف
يعني فرصتنا بكرة.. ومن حظنا إن المزرعة مش بيحرسها غير غفير سجارة حشېش تبسطه وتخليه ينسى شغله والعمال هناك بيناموا من بدري...
وضحك متهكما وهو يتذكر ذلك الجد الذي يشبهه حفيده
مرضاش يأمن المزرعة.. الباشا مطمن عشان وسط أهله وناسه.. يعني العملية ديه في جيبنا
حسن بلاش الثقة الزايده.. ديه عملية سړقة كبيره يعني فيها بوليس ودول مش أي ناس فكل حاجة لازم تكون مدروسة
جذبها حسن نحوه يسلط عيناه نحو شفتيها المطلية بذلك اللون الذي يثيره
بتشكي في سونه حياتك يا سهر.. مش عيب
انتقلت يداه على جسدها.. فاشاح الجالس عينيه بعيدا عنهما.. دفعته سهر على صدره تمسح فوق شفتيها حانقة وتعدل ثوبها
بعدين يا حسن.. خلينا دلوقتي في المهم.. العملية بكرة يعني مش قدامنا كتير
وقفت أمامه ترتجف من الخۏف.. إن هذا الرجل يشعرها وكأنه أسد ينتظر سقوط الفريسة تحت قدميه ثم ينهشها بأسنانه
دار حولها فضمت سترتها حول جسدها ورغم عدم برودة الجو تلك الساعة إلا إنها شعرت بالبرودة تدب في أوصالها.. لقد فهمت لما من اتوا من قبلها لم يكملوا في رفقته إلا أسبوعا واحدا ورحلوا دون أن يلتفوا وراءهم
بنت من عيلة كبيرة ليه تهرب من أهلها
تعلقت عيناها الجامدتين به كما وقف هو ثابت في مكانه يترقبها من صوت أنفاسها التي أخذت تتعالا
تفتكري أنا ممكن أسيب حد في بيتي هربان من عيلته
خرج صوتها أخيرا بعدما ابتلعت لعابها ورطبت حلقها
ورقي فيه كل المعلومات.. مكنش ليه لازمة تعمل تحريات يا حضرت الظابط
صدحت ضحكته مبتعدا عنها وقد أخذته قدماه نحو صورته المعلقة على الجدار وهو يكرم من رؤساءه
كويس إنك عارفه مهنتي قبل ما أكون عاجز.. عشان تعرفي إن جسار الجمال مش مغفل
أنت تقصد إية
التف نحوها ومن تلك النظرة الساخرة التي أحتلت عينيه عرفت الإجابة التي تمنت ألا تسمعها
بنت ربوها ناس أغنية وبعدين طردوها من بيتهم.. تفتكري ممكن أفكر ف أية
انا مسمحش ليك تكلمني كده ولا تتهمني بالطريقة ديه
رمقها متهكما متلذذا بسماع نبرة صوتها المرتعشة
بقى واحده من الشارع تقولي أنا مسمحش.. بيتي مش لأمثالك والله أعلم مخبية وراكي إيه
جسار
صړخت السيدة فاطمة تنظر نحوه وقد لمعت عيناه بالنصر فقد حقق ما أراد
أنا عارفة كل حكاية ملك يا جسار.. مش من طبعك ټجرح الناس حتى لو عايزها تطفش قولها أمشي بالذوق بس ذنبها إيه تتهمها إتهام باطل
احتدت عينيه ورغم علمه بقسۏة حديثه إلا إنه رفض أن يعترف بفداحة حديثه
البنت ديه تمشي من هنا
انصرف بخطوات يعرفها لتتعلق عينين ملك بتلك السيدة التي فتحت لها ذراعيها
...
عادت ناهد تجر أذيال الخيبة خلفها.. لقد تركها عبدالله وعاد لحارته وشقته القديمة.. عاد لذكرياته ورائحة أحبابه
اقتربت من غرفة مها التي لم يعد يعجبها حالها منذ أن عادت من رحلتها
توقف لسانها عن الهتاف باسمها كما تيبست قدماها أمام غرفتها تستمع لصوت شهقاتها وحديثها مع صديقتها
أنا ضيعت يا فريدة.. ماما لو عرفت ممكن تروح فيها.. أنا مش
عارفه عملت كده أزاي كنت سكرانه ومش حاسة بنفسي.. عرفت من ريسيبشن الفندق إنه سائح إيطالي
اهدي يا مها وكفاية عياط.. اللي حصل حصل قوليلي هنعمل إيه دلوقتي
التقطت مها كفيها بعدما مسحت دموعها تستنجد بها
مش أنت قولتيلي إن صديقة كريمان بنت خالك عملت علاقة مع واحد ضحك عليها وقبل ما تتجوز عملت عملية ترقيع غشاء البكارة
انتفضوا من مكانهم بعدما استمعوا لذلك الشىء الذي سقط خارجا
شكل حد سمعنا يا مها
اسرعت فريدة نحو الغرفة لتقع عيناها على جسد ناهد الملقى على الأرض شهقت مذعورة تصرخ باسمها
طنط ناهد.. طنط ناهد ردي عليا
تجمدت عينين مها على جسد والدتها تصرخ هي الأخرى
ماما.. ماما ردي عليا يا ماما
خالتك مالها يا رسلان.. خالتك كانت عندي النهاردة وكانت كويسة مكنش فيها حاجة.. رد عليا
احتضن والدته يطمئنها
ماما حاولي تتمسكي قبل ما تدخليلها هي عايزاكي.. هتكون كويسة متقلقيش
ابتعدت عنه تمسح دموعها
مش حاسة يا رسلان.. الحلم اللي شوفته امبارح بيقولي إن فيه حاجة وحشة هتحصل
الټفت حولها تبحث عن مها
هي مها راحت فين يا بني.. البنت شكلها مش عجبني.. روح شوفها لتعمل في نفسها حاجة
دلفت الغرفة تشعر بثقل وهي تتحرك نحوها..تجاهد في تمالك دموعها التي خانتها وأخذت تنهمر على خديها
ناهد قومي يا حببتي متزعليش مني.. أنا عارفه إن كلامي معاكي الصبح ضايقك وأنت فيكي اللي مكفيكي.. أنا أسفه
فتحت ناهد عينيها تطالعها والدموع تتساقط منهما
ملك يا ناهد.. أنا أزاي نسيت إن في يوم قررت أربيها و ربنا عوضني بحلم الأمومة واداني النعمه اللي فضلت أتمناها منه.. أنا بقيت وحشه
التقطت كاميليا كفها تمسح عليه برفق
ناهد بلاش ټعيطي قومي بس بالسلامة يا حببتي
وندور عليها
لما ترجع اطلبي منها تسامحيني قوليلها إن كنت أنانية.. قوليها إني مكملتش معروفي للأخر وخسړت
حببتي أقولها إيه أنت اللي هتقوليلها وهترجعوا عيلة واحدة من تاني
ومازحتها حتى تجعل ذلك الشعور يطرد من داخلها
ويا ستي لو على رسلان نرجعه تاني لندن يروح يشوفله خوجاية يتجوزها
لا.. لا يا كاميليا
لفظتها بصعوبة تقبض على كف شقيقتها
لو عايزة تريحيني خلى رسلان يتجوز مها.. هاتي المأذون يا كاميليا مافيش وقت.. مافيش وقت
ورفعت يدها حتى تقبلها.. تتوسلها وكأنه أخر رجاء لها في الدنيا
اخر طلب هطلبه منك يا كاميليا.. لو عايزه تريحيني اعمليلي اخر حاجة نفسي فيها
تعلقت عينين الجالس جواره به ينتظر منه إشارة رأسه بأن اللحظة قد أتت.. ارتجفت يدين حسن وساقيه يريد التراجع
أنا بقول انتقم من الباشا في حاجة غير ديه
إحنا هنهزر يا خويا
رفع الرجل سلاحھ نحو صدره.. فازدرد حسن لعابه يطالع الطريق أمامه پخوف
ترجل حسن من السيارة يحاول أن يستجمع شجاعته يتذكر كرهه لتلك العائلة ولما لا يكون سيد مثلهم ولديه المال
لمعت عيناه وهو يتخيل حاله صاحب متجر كبير
تحرك أمام الرجل بثقة فهو يعلم طريقة من تلك الجهة التي تسهل الدخول للمزرعة
والخطوات كانت تقترب..
.
تتقلب على الفراش يمينا ويسارا تستجدي النوم ولكنه كان أبعد عنها تلك الليلة..
أبدلت وضيعة نومها حيث أصبح ظهرها مفرود بإستقامة على الفراش.. حاولت وحاولت ولكن في النهاية نهضت تزفر أنفاسها تطالع الحقيبة الصغيرة التي وضعتها جانب الخزانة .. فغدا سترحل من هنا.. الجد حسم قراره الليلة.. أغمضت عينيها تمنعهما من ذرف المزيد تتذكر قبل ساعات عندما وقفت أمام حجرة الجد كي تخبره بالحقيقة التي تمنعها من العودة لوالديها
والمشهد يعود بتفاصيله أمام عينيها والعبارة