الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية لمن القرار للكاتبة سهام صادق

انت في الصفحة 31 من 191 صفحات

موقع أيام نيوز

توقف البعض يطالعونها بغرابة
عاد جسدها يرتعش فرفعت ذراعيها نحوه تمنحه بعض الدفء.. وها هو الوقت يمضي بها وسؤال واحد يتردد داخلها
هل أصبحت بلا أهل مجهولة الهوية الآن 
والإجابة التي اعطتها ناهد إليها لم ترحمها
فتاة من الشارع.. فتاة مجهولة النسب
تعلقت عيناها بالقطار تقف على عقبيها فقد حانت رحلة الرحيل 
.
ابتسم الجد عظيم وهو يرتشف الشاي بعدما رمقها بنظرة سريعة قبل أن يتغزل بكأس الشاي خاصته.. طالعه سليم بعينيه مبتسما وهو يرتشف من فنجان قهوته ببطء فتتعلق عيناه ب فتون التي اتسعت ابتسامتها فور أن مدحها جده بلطف 
مرجعتش أتمزج بكوباية الشاي غير لما جيتي يا فتون 
ورمق حفيده الذي ترك أخيرا جهازه اللوحي
وأخذ يطالعهم 
أول مرة تعمل في جدك معروف 
تجلجلت ضحكات سليم فقد أصبحت متطلبات الحياة لدي جده والتي تعطيه السعادة بسيطة للغاية.. كالأمس عندما جاء إليه بحلوى المشبك التي يشتهيها 
تعلقت عينينها ب رب عملها وكيف أخذ يمازح جده 
اومال لو فتون عملتلك صنية البسبوسة بالقشطة هتعمل إية.. ديه ديدا ذات نفسها مقدرتش تقاوم أكلها.. وكل ما تكلمني تفضل تمدح في أكلها وقد إيه انا محظوظ 
أنا زعلان من خديجة.. إزاي لما نزلت أخر مرة مجتش تشوفني.. وكمان مش عيب يا ولد تقول على عمتك ديدا من غير ألقاب 
اتسعت عينين فتون ذهولا عندما تذكرت تلك السيدة الحسناء غير مصدقة إنها عمة السيد سليم .. عادت عيناه تتعلق بها يتأمل ملامحها وهيئتها الجميلة الهادئة 
بذمتك يا فتون ديدا ينفع يتقال ليها عمتي.. أنت تصدقي إن واحد زي ديدا عمتي
واردف بعدما عاد يطالع جده ويلاطفه وقد اتسعت ابتسامة الجد وانشرح فؤاده 
شوف حتى فتون أهي مذهولة.. أقول عليكي يا خديجة ديما الناس بتتصدم لما تعرف إنك عمتي
خديجة ديه الحسنة الحلوة اللي عملها رأفت جدك.. يلا ربنا يسامحه 
انقلبت ملامح الجد عندما تذكره.. فالصديق الذي كان يأتمنه على كل شىء كان يسعى لتدميره وأخذ شركته طمعا 
مالك يا عظيم باشا بس.. إيه اللي غير ملامحك
حدق السيد عظيم ب فتون الواقفة فانسحبت من بينهم بعدما شعرت بالحرج.. انتقلت عينين الجد نحو حفيده يزفر أنفاسه بزفرات متتالية 
محدش خلاني اسامح العيلة ديه غيرك وغير خديجة يا حبيبي 
تجمدت عينين سليم.. فجده لم ينسى الماضي يوما 
الصديق
يطعنك ويحقد عليك وانت فاكره بئر أسرارك.. يكون عايز يدخلني السچن عشان ياخد شركتي مني وجدتك. 
جده كلما تذكر ما أظهره له الزمن عن ذلك الصديق لا يكف عن رثاء حاله وسرد تفاصيل صډمته في عائلة والده وهو يسمع ويسمع ولو عرف جده إنه ذاق الكثير من تلك العائلة وابنته الغالية التي مازال يظن إنها كانت ونعمة الأبنة 
نهض عن مقعده منسحبا نحو فرسته الغالية التي فور ان لمحته رفعت قدميها مهللة بسعادة 
تعلقت عينين فتون به من شرفة المطبخ بعدما سمعت صهيل سكرة تنظر إليه وهو يصعد على ظهر فرسته.. التمعت عيناها وأخذتها الأحلام إلى طريق لا عودة فيه 
فتون أنت لسا مخلصتيش تنضيف الأوض فوق.. الجد عظيم هنا مبيحبش الإهمال 
والحقيقة عادت ټصفعها تذكرها إنها خادمة.. وليست تلك الأميرة التي تخيلتها منذ لحظات يمد لها يده فيضعها أمامه على ظهر فرسته ويضمها لصدره تنعم بدفىء أنفاسه 
لم تجد لها قطارا ينقلها لأنها لم تكن تعرف إلى أين ستكون رحلتها 
عادت بأدراجها نحو المقعد الذي كانت جالسة عليه وقد جعلها الواقع تفيق أخيرا
أمشي من هنا .. روحلك اي بلد بعيدة.. محدش يعرفك فيها ولا يعرفنا.. مش عايزه أشوفك تاني.. كفاية لحد كده.. كفاية 
وضعت بيدها على شفتيها تكتم صوت شهقاتها العالية ..رنين هاتفها كان لا يتوقف.. وكلما نظرت لرقم المتصل لم تجد إلا هو أو ميادة ولكن تلك المرة لم تكن إلا السيدة وردة مديرة الجمعية التي هي احدي عضواتها 
أسرعت في الإجابة عليها ولا تعرف السبب ولكن كان هناك شىء يدفعها بأن تجيب 
ملك السيدة فاطمة كلمتني من ساعه.. بتسأل أمتي هنبعت المرافقة لأبنها 
والطريق بدايته كانت هنا.. وهنا كانت محطة الهروب
....
ضجرت ناهد من تلك النظرات التي يرمقها بها عبدالله ولكن مازاد ضجرها عندما دفع يديها عنه 
بجد أنا خلاص زهقت وتعبت
فين ملك مجتش معاكي ليه 
اشاحت عينيها بعيدا عنه تبحث عن أي شىء حولها.. اعتدل في رقدته بصعوبة يضع بيده على قلبه ويلتقط أنفاسه بعدما شعر بوجود شىء تخفيه عنه 
فين ملك.. ملك بنتي فين 
وعند تلك النقطة اڼفجرت فيه ناهد صاړخة غير عابئة بمكان وجودها 
طردتها.. ارتحت.. قولتلها الحقيقة اللي مش عايزه تصدقها 
تسارعت أنفاسه وقد جحظت عيناه على وسعهما يردد دون شعور 
طردتيها.. طردتي بنت يا ناهد.. رمتيها في الشارع 
وعاد صړاخ ناهد يعلو مرة أخرى مما جعل الممرضة التي كادت أن تدلف الغرفة تتراجع عن الدلوف 
بنت.. بنت.. أنت شكلك نسيت الحقيقة ولا إية.. ملك مش بنتنا.. مها بس هي اللي بنتك وبنت
ملك بنت.. بنت يا ناهد.. 
والكلمة كانت الصدمة الكبرى لها ولغرورها اللعېن.. تجمدت عيناها كحال ملامحها وجسدها.. اقتربت منه تخرج الكلمات من بين شفتيها بصعوبة 
أنت بتقول إية
بقول الحقيقة اللي كانت لازم تتقال من زمان أوي...الحقيقة اللي فضلت معذبني طول عمري وكل ده عشان بحبك.. ضيعتي مني بنت يا ناهد مش كفاية عليا إني عايش وظلم أمها في رقبتي 
لم يتحمل قلب عبدالله المزيد.. صورة أمل وهي راقدة على
الفراش تعطيه أبنته وتخبره أن لا يظلمها مثلما ظلمها 
سقطت دموعه وكأن الخمسة وعشرون عاما كانوا أمس 
خونتني يا عبدالله.. ضحكت عليا
تعلقت عينين رسلان بهما بعدما وقف يلتقط أنفاسه.. يستمع إلى هذيان عبدالله 
ضيعتي بنت.. طردتيها بسبب أنانيتك وحبك لبنتك اللي خليتها صورة طبق الأصل منك.. حرمتي بنتي من الراجل الوحيد اللي حبته وحبها .. حرمتيها من حنان وكل ده ليه عشان حبيتك
التقطت عيناه رسلان الذي وقف على باب الغرفة ينظر إليهما لا يستوعب الصدمة.. فمن التي رحلت 
ملك ضاعت يا رسلانهعيش بذنب بنتي زي ما عيشت بذنب أمها طول العمر 
تعلقت عينين الجد به وتلك النظرة التي لأول مرة يراها في عينين حفيده.. إنه كان سعيد كما كانت سعيدة هي قبل إنصرافها من بينهم بعدما شعرت بالخجل لتدخلها في حديثهم وإقتراحها على ما يجب فعله حتى تعود الأرض وتنتج المزيد من المحاصيل 
خسارة البنت ديه.. هما أهلها فين يا بني
كانت عينين سليم تتابع خطواتها المنصرفة في عجالة فعاد الجد يهتف به 
سليم.. سليم 
أنتبه أخيرا على نداء جده ينظر إليه بتوتر يحاول أن يستجمع شتات نفسه 
بتقول حاجة يا جدي 
ارتكزت عينين الجد عليه وأخذ يضرب الأرض بعصاه الأنبوسية 
بقولك فين أهل البنت ديه.. المفروض هما أولى بيها ويعرفوا بنتهم فين دلوقتي 
أهلها ناس غلابه يا جدي 
وهي الناس الغلابه بترمي عيالها برضوة.. إيه مصدقوا يجوزوها لأي راجل ويخلصوا منها 
حرك يديه على خصلات شعره مرتبكا فنفس السؤال الذي سأله حازم صديقه.. فأين هم أهلها ولما هو من سيطلقها من زوجها ويكون البطل المغوار.. لو كانت يتيمة لكان الجميع قد صمت 
أبوها راجل فلاح بسيط عنده سبعة ولا ثمانية غيرها تفتكر هيهتم بيها ولا هيهتم في اللي لسا متشعلقين في رقبته
واردف وقد وجد حجته القوية 
أنت عارف في القرى البسيطة لسا في ناس ما بتصدق

تجوز البنت وترتاح من عبئها ومعندهومش حاجة أسمها اطلق من جوزي لازم تستحمل حتى لو هيموتها 
رمقه الجد دون إقتناع ومازال يضرب عصاه على الأرض 
وأنت من أمتي قلبك حنين يا سليم.. من أمتي يا ابن صفوان 
نعته بأثقل الألقاب على قلبه.. جده لا ينعته بذلك الاسم إلا في زيجاته كلما علم من مصادره الخاصة 
عمرك ما قولتلي ابن صفوان غير وأنت شايفني في صورته 
نهض الجد عن مقعده بعدما شعر بحاجته للراحة 
لو هتطلقها عشان تاخدها من جوزها يبقى سيبها تروح لحالها يا سليم.. بلاش يا بني تكون شبهه 
انصرف الجد صاعدا نحو غرفته.. فوقف يطالع خطواته بوجه جامد.. حازم وجده يروا إنه يفعل ذلك من أجل حاجة في نفسه.. أحيانا يصدق حسن نواياه نحوها وأحيانا أخرى يدرك سوء نيته وهو يتخيلها بين ذراعيه 
سليم بيه 
فاق على صوتها وهي تناديه.. فطالعها وقد غامت عيناه بالظلام الذي يغلف قلبه كلما تخيل نفسه يشبه صورة والده 
هو أنا هعمل إيه لم أطلق من حسن يا بيه.. هرجع لأهلي ولا هروح فين 
طال صمته وهو يحدق بها.. هل سيجعلها فريسة تحت أنيابه ينهش لحمها فهو لن يعطيها مكانة نساءه بالزواج.. إنها خادمته 
هترجعي لأهلك يا فتون وأنا هتكفل بكل مصاريفك لحد ما تدخلي الجامعة وتتخرجي منها 
اتسعت عيناها ذهولا يتخللها الفرحة غير مصدقة ما سمعته
هكمل تعليمي يا بيه.. يعني هدخل الجامعة وأكون محامية شاطرة زيك 
أخذ قلبه يدق پعنف وهو يري فرحتها التي أنارت ملامحها الجميلة ولمعت بعينيها الواسعتين وكادت أن تندفع نحوه تحتضنه ولكنها تمالكت نفسها ووقفت تطرق عيناها أرضا.. لم يغفل عن تلك الحركة وللعجب قد أراد أن يشعر بجسدها بين ذراعيه.. أراد فعلتها المندفعة.. الرغبة تحركه تحركه بدرجة ممېته.. لا بد أن يرجع لمغامراته ونساءه اللواتي تركهم بعد شهيرة حتى يشفي من هذا المړض.. سليم النجار يهوي خادمته بل ويهذب نفسه ليكون رجلا شريفا 
رنين هاتفه أخذ يصدح في الأرجاء فجعله يفيق من ذلك الصراع الذي يعيشه ويجعله كالحائر
دقق النظر في رقم المتصل ولم تكن إلا تلك التي تريد أن تدخل في قائمة نساءه برغبتها دينا رياض أرملة صالح مراد ذلك الرجل الذي كان معروف بنزاهته موكلته الجديدة
التي تصر أن يمسك هو قضيتها
ألغى مكالمتها فلم يعتاد على النساء اللواتي يرمون أنفسهن عليه بل هو من كان يرمي شباكه ويسعى خلف المرأة التي يريدها بالطرق المشروعة 
عاد هاتفه يضىء ولكن تلك المرة برسالتها لتتجمد عيناه على محتوي الرسالة.. حامد الأسيوطي يهدده 
وضع هاتفه على أذنه بعدما ابتعد عن تلك الواقفة ينتظر إجابة تلك التي قد علمت إنها أختارت الطريق الصحيح لتقربه منها وتدفعه ليمسك قضيتها بدلا من صديقه 
هددك أمتي 
ابتسمت دينا بعدما
جالت بعينيها على تفاصيل جسدها الذي تعكسه مرآتها تهتف بوداعة ونعومة 
بعتلي الرسالة من ساعةمكنتش عايزة ابعتها ليك.. رجع يهددني تاني.. انا مش عايزه غير حقي وحق أبني وأعيش في هدوء 
هو فاكر أني زي غيري بنسحب بسهولة.. ميعرفش مين سليم النجار 
اتسعت
30  31  32 

انت في الصفحة 31 من 191 صفحات