رواية لمن القرار للكاتبة سهام صادق
هل ستكون جميلة وتسلب عقل رسلان وټخطف الأعين كعادتها
ماما أنا رايحة الجمعية وممكن أتأخر
توقفت ناهد عن الدوران تنظر إليها بتحديق
تمام يا ملك
هو في ضيوف جيالنا النهاردة
توترت ناهد بعدما أشاحت عيناها عنها.. فعدم وجود ملك اليوم جاء في صالحها.. أنبها ضميرها للحظات.. أصبحت تنفيها عنهم.. لم تعد تريد لها أن تأخذ المزيد مما أعطته لها.. وجودها بينهم أصبح ثقيل عليها.. إجابات لم تعد تعلمها ولكن كما أخبرها عبدالله إنها لم تعد ناهد القديمة
أنا ممكن ألغى مشوار الجمعية عادي
لا لا روحي ياحببتي متعطليش نفسك
دفعتها برفق نحو الباب تتمنى لها يوما سعيدا تخبرها أن لا بأس إن تأخرت
أغلقت ناهد باب الشقة تضع يدها فوق قلبها الذي زادت دقاته
بنتي هي اللي تستحق السعادة ديه.. مش حرام أكون أنانية حتى لو مرة واحدة في حياتي
بحالها
أنا دينا رياض أرملة صالح مراد رجل الأعمال.. أتقابلنا في النادي الرياضي مش معقول تكون نستنى بالسرعة ديه
لفظت عبارتها الأخيرة بمزاح وهي تتأمله بعينيها تمد له يدها تصافحه
وبنبرة عملية كان يرحب بها يخبرها أن تتقدم أمامه.. مهنته تتطلب منه اللباقة وهو خير من يكون بتلك اللباقة
جلست على المقعد بعدما جلس هو خلف مكتبه يسترخي في جلسته يخبرها أن تسرد له تفاصيل قضيتها
شريك جوزي الله يرحمه سرق نصيبه في أرض كانوا متفقين أنهم هيبقوا شركاء فيها.. ومش بس كده سرق منه فكرة المشروع.. أكيد سمعت عنه حامد الأسيوطي
مافيش ورق يثبت بكده
أخرجت بعض الأوراق من حقيبة يدها تمدها له
طلب يتجوزني عشان أسكت لكن أنا رفضت...ده حق جوزي الله يرحمه وحقي وحق أبني .. الأرض تساوي عشرة مليون ده غير سرقته لفكرة المشروع
طالعته بتدقيق تنظر نحو وسامته وتلك الرجولة التي تشع منه فتجعلها تزداد رغبة
حامد بيهددهم فبيرفضوا القضية.. أنا عارفه ومتأكدة انا قدام مين دلوقتي.. سليم النجار أكبر محامي في البلد ولا أنا سمعت غلط عنك
أعجبته تلك الثقة التي تتحدث بها فابتسم وهو يتراجع للخلف قليلا يدور بمقعده ثم أخذ يدق برأس القلم على سطح مكتبه
دينا من غير ألقاب.. قهوه مظبوطة
وابتسامة واسعة كانت ترتسم على شفتيها يفهمها تماما هتف بسكرتيرته عبر الجهاز الموضوع أمامه
فنجان قهوة مظبوط لمدام دينا وياريت تبعتيلي أستاذ حازم
والصدمة أحتلت ملامح الجالسة وهي تجد رجل أخر يصطحبها نحو مكتبه.. أشار لصديقه بأن القضية له
كادت أن تعترض ولكن أبتلعت عبارتها فمن هو حتى يصرفها هكذاجميع الرجال يتمنون إشارة منها وهذا المغرور يرفض تولي قضيتها بنفسه
عاد حازم إليه بعدما أنصرفت وقد علم منها كل التفاصيل ولاحظ حنقها وتأففها وكأنها لا تطيق الجلوس أمامه
أنت عملت فيها إيهھموت وأعرف ليه كل قضايا الستات مبيحبوش غير يكونوا معاك.. أنت عامل للستات إيه
ضحك رغم إنه لم يكن بمزاج يسمح له ولا يعرف السبب.. فما الشىء الذي يستحق أن يشغل باله...فهو سليم النجار وسليم النجار لا يعيش إلا لنفسه وهذا يعجبه وقد وجد راحته فيه منذ سنوات فما الشىء الذي تغير فيه والإجابة كانت مفقودة
أنا كل تفكيري في القضية الحالية.. المهم القضية ديه لازم نكسبها مهما حصل.. أنت عارف هتترفع ضد مين
عارف طبعا حامد الأسيوطي.. الراجل ده ريحته فاحت أوي أنا مش عارف ليه الحكومه سيباه لحد دلوقتي .. بقولك أيه صحيح رانيا عزماك على العشا النهاردة
ضحك ملء شدقيه لا يصدق أن رانيا زوجة صديقه تدعوه لوجبة
العشاء
مش مراتك برضوه مش بطقني إيه اللي حصل.. أوعى تكون رانيا تعبانه ولا حاجة يا حازم
ضحك حازم هو الأخر فهو مثله لم يصدق دعوة زوجته له ولو عرف صديقه سبب الدعوة لأنفجر ضاحكا
بلاش أصدمك وأقولك أنها عايزه تقرب بينك وبين زينب بنت عمها
وقد تبدل مزاجه بعد تلك المزحة.. رانيا تجلب له عروس ياله من رجل محظوظ
وضعت كل طاقتها في ذلك العمل ولكن التعب كان يتلاشى وهي ترى نظرات البسطاء إليها وهي تمد لهم يداها بتلك المساهمات التي من حينا لأخر تمنحها لهم الجمعية.. الناس حولها كانوا سعداء وسعادتها هي أيضا كانت لا توصف
جاء وقت راحتهم فتعلقت عيناها بزملائها في الجمعية
الكل يضحك ويتثامر..
فلما هي منزوية دائما عنهم..
أقتربت منهم وقد تشجعت ولم يكونوا إلا كما توقعت أشخاص سهل المعشر وجوههم تنطق بما تحمله قلوبهم
ولم يكن الحال مع مها هكذا بل كان كما ترسم له ناهد.. مها تنظر للفساتين التي تقدمها لها البائعة وناهد تقف جوارها تنتقي معها فستانها.. وأخيرا أنتهت مهمة الثوب وجاءت مهمة تصفيف الشعر والعناية بالبشرة.. والوقت لم يعد به متسع أمامهم
فها هي تقف أمام مرآتها تنظر لما ترتديه بسعادة وناهد تمدحها
قمر يا حببتي ما شاء الله
عانقت مها والدتها تسمعها بعض الكلمات الجميلة فضمتها ناهد إليها.. أبتعدت ناهد عنها حتى تذهب لغرفتها لتتأنق هي الأخرى ولكن أوقفها صوت مها
هي ملك هتتأخر يا ماما.. مش المفروض نتصل بيها عشان تلحق تلبس وتستعد
لم تتفوه ناهد بشيء فهى تقف صامتة تبحث عن إجابة مقنعة لأبنتها.. التقطت مها هاتفها حتى تهاتفها ولكن ناهد كانت أسرع منها فالتقطت الهاتف منها تخبرها
أنا كلمتها
من شوية وقالتلي لسا في الجمعية عندهم حاجات مهمة النهارده وهي هتحاول تستأذن وتيجي
أقتنعت مها بكلامها فتعلقت عينين ناهد بها وهي تعود لمرآتها تتأمل حالها بابتسامة واسعة
استيقظت تلتقط أنفاسها تنظر حولها.. الغرفة كانت غارقة في الظلام إلا من ذلك الضوء الذي يأتي عبر الشرفة
إنسابت دموعها وهي تتذكر عيناه وقربه منها.. إنه كاد أن ينهش جسدها بل في كابوسها كان بالفعل ينهشه وهي تصرخ لينقذها أحدا
حاولت النهوض من على الفراش ولكنها عادت بكامل جسدها تسقط عليه مجدداتعالت شهقاتها تسأل حالها أين سيكون خلاصها فهى لم تعد تحتمل.. حتى السيد سليم أصبحت صورته تهتز أمام عينيها.. إنها أصبحت تخشي الرجال وتكرههم.
.
جثا على ركبتيه يحتضن الصغيرة أبنة صديقه يداعب وجنتيها والطفلة التي هي صعبت المعشر مع الناس كانت معه طفلة وديعة هادئة
أنت بتعمل أيه اللي لبنتي.. مش معقول أنت الوحيد اللي بتسكت معاه
ضحك سليم وهو يحمل الصغيرة وقد أحضر لها الكثير من الألعاب
والله يا أستاذ حازم إحنا نسأل أنسه تولين وهي تجاوب
وداعب الصغيرة برقة على وجنتيها المنتفخة
تولين بتحبي بابي أكتر ولا عمو سليم
هللت الصغيرة بيديها تنظر إليهم لا تستوعب شىء
تولين جاوبي على بابي يلا ومتخليش الأخ ده يشمت فيا
والصغيرة أعطته الإجابة التي لم يكن ينتظرها
سليم.. سليم!
سليم الذي وقف يضحك يضم الصغيرة إليه بحنان.. أنقلبت ملامح حازم للعبوس قليلا ولكن سرعان ما تلاشي عبوسه ينظر نحو صديقه بحب
اللي يشوف حبك ليها ميشوفكش كل اما أقولك اتجوز وهاتلك حته عيل.. تقولي مبحبش زن العيال ولا الستات
حازم هي رانيا موصياك النهارده ولا أيه
التف حازم حوله حتى يطمئن قبل أن تدلف إليهم بعدما سمع صوتها المرحب بأبنة عمها
بصراحة اه
بتضحكوا على إيه.. سليم نورتنا بجد بقالك كتير مش بتزورنا
وتعلقت عيناها بأبنة عمها التي تقف خلفها مرتبكة
قربي يا زينب.. أعرفك سليم صديق حازم..الدكتورة زينب بنت عمي صيدلانية
أتشرفت بيك يادكتورة
اكتفت زينب بتحيته بإيماءة خفيفة.. تخفض عيناها نحو الأرض
ساد المكان الصمت.. فغمزت هي لزوجها حتى يتحرك من مكانه ويترك لهم مساحة للحديث
حازم ممكن تيجي تساعدني في تحضير السفرة
ونظرت نحو أبنتها حتى تحملها عنه ولكن الصغيرة تشبثت بعنقه
سبيها يارانيا معايا..
طالع صديقه وهو يتبع زوجته.. ثم عاد ينظر لتلك التي ظلت واقفة بمكانها
أتفضلي يا دكتورة أقعدي..ولا هتفضلي واقفة كده باصة على الأرض
والطبيبة الخجولة أخيرا رفعت عيناها نحوه ترمقه بنظرات حانقة ودت لو قټلته
جلست على الأريكة تهز ساقيها وهو كان غارق في دغدغة الصغيرة واللعب معها
تعرف إني مبحبش مهنة المحاماة
رفع عيناه نحوها فأبنة عم رانيا فماذا سينتظر.. هو يحترم زوجة صديقة كامرأة مخلصة ووفية لبيتها وزوجها
ليه يا دكتورة.. ما يمكن وجهة نظرك غلط عنهم
لا لا.. لا يمكن
رفع شفتيه مستنكرا لثوان
أنت متجوزتش ليه لحد دلوقتي.. أنا سمعت من رانيا إنك معدي التلاتين وراجل غني يعني مش محتاج حاجة
قلة عقل بقى يادكتورة..
الاكل جاهز يا جماعة
نهض على الفور عندما أستمع لصوت حازم فاقترب ينظر له بنظرة قد فهمها
لا عشا إية أنت عارفني مبتعشاش ياحازم.. أنا جيت بس أشوف تولين
أعطاه الطفله التي أخذت تتثاءب على كتفه.. وأخيرا قد أستطاع الهروب تخلص من جده عظيم ليأتي إليه حازم هو الأخر عن أي عروس يبحثون وهو في قائمة زيجاته السابقة العديد من النساء
العشاء قد أنتهي وناهد تنظر نحو كاميليا تسألها بعينيها أين هو رسلان.. أرتبكت كاميليا من نظرات شقيقتها تنظر من حينا لأخر نحو هاتفها.. رسلان لا يجيب عليها ولا يجيب على شقيقته
طالعتها بتوتر تبحث عن إجابة أخرى تخبرها بها.. رنين الجرس كان كالنجدة بالنسبة لها تدعو داخلها أن يكون هو
استرخت ملامح كاميليا مقتربة منه وقد ارتسمت على شفتيه إبتسامة واسعة يحمل علبة من الشيكولاتة الفاخرة وباقة من الأزهار
حبيبي نورت البيت.. كده تتأخر علينا.. أه أكلنا من غيرك
خلينا ندخل عند الرجاله والبنات يا ناهد ولا هنفضل واقفين هنا
طالعت ناهد شقيقتها وقد فهمت الأمر.. فلما الأنتظار أكثر من هذا
اقترب هو من عبدالله يصافحه وتعلقت عيناه بوالده الذي طمئنه من نظراته
بحث بعينيه عنها فأين هي فقد تعمد التأخير كما أخبرته شقيقته
قدمي العصير والجاتوة لرسلان يا مها
لا لا ابعدوني أنا عن السكريات.. ممكن قهوة
رمقت ناهد أبنتها بنظرة قد فهمتها
قهوة سادة مش كده.. ثواني وأكون عملتها ليك
أنصرفت مها بتأنقها الملفت للغاية ولكنه لم يكن يراه
ده أنت عزيز أوي على مها يا رسلان داخله تعملك القهوة بنفسها
هتفت ناهد بها تنظر لشقيقتها