حكاية الفقية و الغلام

الرجل بفظاظة لا !!! والآن إبتعد لكن إبنة الباشا كانت تستمع للحوار وقالت لأبيها لقد أضعت البارحة قلادتي لما كنت أقطف الزهور في الغابة ولم أعرف ذلك إلا هذا الصباح وخفت إن أعلمتك ستغضب مني فقال للحطاب تعال وأرني القلادة فلما رأتها البنت فرحت ولبستها 
أما الباشا فحاول أن يعتذر لكن الحطاب قال من حقك أن تخاف على مالك وعيالك ثم هم بالإنصراف لكن الباشا أخرج حزمة من النقود وقال للحطاب خذ هذا المال واشتر شيئا لعيالك لكن الرجل إعتذر وقال لا آخذ شيئا على الأمانة فلقد أوصانا بها الله ورسوله لكن الباشا أصر على مكافئته فقال عثمان إذا كان لا بد من ذلك فاعطيني عملا عندك!!! قال الباشا حسنا ستهتم بالخيول في مزعتي وأدفع لك عشرين جنيها في الشهر !!!دهش الحطاب فهذا المبلغ كبيرولم يحلم به وسأدفع لك شهرا مقدما ذهب الرجل إلى السوق ورجع إلى داره محملا بالقفاف وأكل عياله حتى شبعوا أما هو فاشترى ثيابا جديدة وأصلح من حاله وبدأ العمل بكل تفان وفي زمن قصير تعلم كل ما يتعلق بالخيول وتربيتها
كانت إبنته الكبرى تحب الخيل وتجيئ لمساعدة أبيها وفي كل مساء كانت تركب حصانا وتتجول في المزرعة وفي أحد الأيام جاء الباشا ليتفقد الإسطبلات فرآها وأعجب بجمالها وأخذ يسترق النظر إليها وهي تركض على الحصان بكل براعة إقترب منها وسألها من تكونين أيها الفتاة فأنا لم أرك هنا قبل الآن فأجابت أنا إبنة السائس عثمان وأنا في خدمة سيدي قال لها ليس داع لذلك أسمح لك بأن تناديني خليل باشا على فكرة هذا الحصان هدية لك وانصرف خليل وكل مرة يلتفت إليها فمنذ أن ماټت إمرأته أغلق قلبه عن النساء وكرس وقته لتربية إبنتيه لكن هذه الفتاة جعلت قلبه يخفق من جديد فلقد كانت مثلها تحب ركوب الخيل والفسحة في الغابة 
أصبح الباشا يتقرب من عثمان وزاد في مرتبه وتساءل الرجل عن سر هذا الكرم المفاجئ وذات يوم رجع لامرأته محملا بالغلال والبيض والخيرات التي أعطاه له الباشا ففرح الأولاد وإجتمعوا حول الطاولة يأكلونوبعد الطعام قالت له إمرأته غدا أعطيني مالا لأشتري ثيابا جديدة لإبنتك ألفة !!! فقال لها لأي سبب أجابته يا لك من أحمق ألم تتساءل لماذا يعطينا الباشا كل هذه الهدايا ! حك رأسه وفكر قليلا ثم فتح فمه من الدهشة وقال إنه يحب ألفة هل هذا معقول فهي لا تزال طفلة !!! أجابت أمها إبنتك في سن الزواج لكن إهتمامك بالنبات والطيور يجعلك لا ترى ما يحدث أمامك ومن اليوم الأول الذي أهداها فيه الحصان والأمور تتطور بينهما قال عثمان أحقا ذلك فلا علم لي به .
بعد أيام جاء الباشا لعثمان وقال
له أريد أن أفاتحك في موضوع مهم فأجاب الرجل إن شاء الله خير لكن قال الباشا لا ينفع أن أكلمك فيه هنا تعال إلى القصر ولنشرب شيئا ثم نتكلم !!! كانت تلك أول مرة يدخل فيه عثمان للقصر واندهش من نظافته وكثرة اللوحات المعلقة على الحائط . وبعد أن شربا الشاي إستحى منه فهو أرمل وله بنات ولم يعرف كيف يفاتحه في موضوع الزواج !!! لاحظ عثمان تردد الباشا فقال له كأنك تريد أن تقول شيئا فتشجع خليل وأجابه يشرفني أن أخطب إبنتك ولقد أهديت لها الحصان الأسود وقال له عثمان هذا كرم منك فهو من سلالة أصيلة لكن لا بد أن آخذ رأيها ثم ناداها وأخبرها برغبة الباشا ففكرت قليلا ثم قالت لي شرط وحيد قال خليل ماهو أجابت أن يسكن أهلى معي في القصر فأنا لا أطيق فراقهم هذا كل ما أريده .
تهللت أسارير الباشا وقال بارك الله فيك فمن لا يحب والديه لا خير فيه والقصر كبير وأكثر غرفه فارغة وكثيرا ما يزعجني صمت الحيطان بعد ۏفاة زوجتي وجاءت أمها وإخوتها وجدتها وسكنوا معها وعاش الجميع في سعادة وكلما مر الحطاب أمام الشجرة العجوز خيل إليه أنها تبتسم وتقول له لقد رددت إليك الجميل يا عثمان ...